28 December 2020

الباقي لك


لا أعلمُ إن كان مقالي هذا يحتاج إلى إضافةِ خلفيةٍ بسيطةٍ عن السلوك الكويتي "المحبِّ للخير" أم أبدأُ بكتابة الموضوع مباشرةً، ولكن -تَحسُباً – اِعلمْ عزيزي القارئ أنه بين خطّي عرض 28.45° و 30.05° شمال خط الاستواء وبين خطي طول 46.30° و 48.30° شرق خط جرينتش توجد دولة صغيرة اسمُها الكويت يعيش فيها شعبٌ يتنافس –طوعاً وطمعاً- في تقديم الصدقات بجميع أشكالها ومسمياتها، حتى أصبح المغتربونَ فيها بنفس السلوك والتصرفات. "الباقي لك" هو أحد نماذج العطاء الدارجة هُنا، وهو أن يتنازلَ الشخصُ عن بقية المبالغ المدفوعة منه لصالح الشخصِ المُسلِّم للبضاعة أو العامل عليها أو ناقلها، وغالباً ما يُرد عليها بكلمة "شكراً" وتبتسم جميع الأطراف. 

ذات يَوم، ذهبت مع والدتي لشراء الغداء من مطعمٍ "إقليمي" عُرف عنه لذَة الكباب والمشويات، وعُرف عنه أيضاً نظافته الاستثنائية وكثرةُ موظفيه حاملي هوية الدولة الإقليمية ذاتها، ولأننا لم نَجد مكاناً قريباً نركُن فيه السيّارة، طلبنا من أحد العاملين فيه إيصال الطلب للسيارة فور انتهائه، فوافَق –مشكوراً- بصدرٍ رحب، وبعد برهة ، وصل العامل حاملاً الكثير من الأكياس ووضعها في السيارة ثم قدّم لنا بقية المبلغ عبر النافذة، فما كان منا إلا أن تلفّظنا تلقائياً بالجملة المعهودة : "الباقي لك". 

لأول مرَة، لم يكن الجوابُ شاكراً أبداً ، بل على النقيضِ تماماً، انتفض العامل بطريقة أحرجتنا وقال بصوت صارمٍ -ومحترمٍ في نفس الوقت- :  أنني أنا أعملُ هنا بجُهدي واستلم عليه راتبي ولا أقبلُ الصدقات. لا أعلمُ إن كان اتساعُ عيناي ذهولاً أم حرجاً أم غيظاً ، لكنها استمرت باتساعها -على آخرها- لمدة ليست بالقليلة، ثم مددت يدي لاستلم المبلغ وغادرنا. كان هذا الموقف جديراً بالتوقف وبالتحليل والتأمل، وبت أفكر في موضوع "الباقي لك" من الزاوية المقابلة وليس من زاوية الواهب، هل سأشعر بنفس الانتفاضة لو كنت مكانه ؟ هل سيكون ردي بنفس الحزم؟ أم أكثر لُطفاً؟ أم أكثر قسوة؟ رغم أنني متيقنة بوجود ابتسامة لطيفة على وجهي حين قلت العبارة إياها.

  أتذكر الآن دهشتي أيضاً وأنا في المكتبة ، حينما كنت أتصفح الكتب وأقرأ العناوين على الأرفف التي تفوقني طولاً وعرضاً، حتى استوقفني كتاب بعنوان (الفتوحات العربية في روايات المغلوبين) للكاتب حسام عيناتي، روايات المغلوبين؟ لطالما كان مفهوم الفتوحات مقروناً بالشعور بالنصر والعزة، فهل فكرنا بماذا شعر المهزومون تحت سيوفنا؟ كل الأمور اختلفت بعد هذا العنوان ، وبعد الموقف الذي مررنا به في المطعم. تغيّر العطاء، ليس شكلاً ولا عدداً ولكن مضموناً، أصبح  عطائي على استحياء ، واصبحت أكثر حذراً ويقظة للغة جسدي ونبرة صوتي واتساع ابتسامتي لأي مساعدة أقدمها، وبتُّ أكثر تفهُماً  لأي علامة رفض ، بل أسابق بالاعتذار حين أشعر بأن الموضوع أدى لغير ما نُوِيَ له. يقول الله عز وجل : الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) ، ورغم أني – ويشهد الله على ذلك- لم أقصد في ذلك اليوم مناً ولا أذى ، رأيت أن أشاركك عزيزي القارئ هذا الدرس القصير لعلك تخرج منه بفائدة بسيطة ... و"الباقي لك".

08 September 2018

همسة للسيد توماس إديسون مع التحية

همسة في أذُنك سيّد أديسون: أعلم أنك في نشوة عارمةً جرّاء التغيّر الذي أحدثته للعالم، وأعلم أن نغمة التصفيق لاتزال تعجّ في أذنيك وأنت في عالم مابعد الحياة على تلك الأداة التي أسميتها -صدفةً- (المصباح)، ولكنني أريد تسجيل اعتراضي... فقد اخترقت خصوصية الليل، وقتلت سكونه، وأجبرت الأجساد على اليقظة في وقتٍ تحتاج فيه العقول لأن تستريح. إن أداتك يا سيدّ توماس قد صنعت الهالات السوداء في وجوه النساء، وأوهنت أجساد الرجال حين قللت ساعات الاستلقاء، قد يفرح الكثيرون على مصباحك هذا، إلا أنني قد اشتقت لليل ... وسواده.. وسكينته.. ووثار السماء فيه.. المرصع بالنجوم الجميلة. ✨🌟🌌


11 July 2018

لاس فيغاس المقدسة ..!

في رحلة عمل إلى الساحل الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً في سان دييغو، كنت قد وجدت نفسي أفتح الخريطة لأرى المدن المحيطة، فقد اعتدت على الاستفادة من رحلات العمل في اسكتشاف المدن التي تقع حولها ولو لبضع ساعات. و رأيت في مجاورات سان دييغو مدينة الفساد التي تصورها الأفلام كملجأ للهاربين من المسؤوليات ومدينة القمّارين والسكارى؛ لاس فيغاس . تلك المدينة التي إذا ذُكرت في مجلس للمسلمين استغفروا، وإذا أبديت رغبتك في زيارتها رمقوك بنظرات البسملة والهلهلة والحوقلة. فقررت -كعادة نفسي العنيدة- أن أضع قدمي على أرضها رغماً عن الجميع، واخترت أفخم فنادقها، لأنني أريد أن أتحدى ذلك الشعور بأننا منقادون ومسيرون خلف شهواتنا ورغباتنا . أريد فعلاً أن أكون في وسط الشر ولا أنظر أليه. أن أحدد لنفسي مساحتي النظيفة في أي مكان على الكرة الأرضية، فحجزت تذكرة لي وحدي. وهئنذا على متن الطائرة ! 

15 June 2018

الأسرة أم الطموح ؟

بعد مشاهدة جميع حلقات المسلسل اللبناني (طريق) وتفاصيل الحكاية بين الامرأة المتعلمة وزوجها الأمي غير المتعلم، وسلسلة المشاجرات بين حقها "بالحرية والطموح والشغل" وحقه "بالولاية والوصاية والحماية والتقييد" ، تذكرت ثلاثة مراحل مررت بها في حياتي الشخصية وكيف كان لها الأثر الكبير في معرفة قيمة الأشياء في الحياة، المرحلة الأولى في مقتبل العمر،  هي مرحلة الطالبة العازبة المدللة التي لا تحمل أي مسؤوليات سوى الانشغال بالكتب والمحاضرات ووجبة الغداء والرد على هواتف والدتها المتكررة لتطمئن عليها، والمرحلة الثانية هي مرحلة الزوجة المطيعة التي اختار لها زوجها وظيفة لا تليق بها ولا باختصاصها ولا بطموحها ولكن تليق بإجازاته وفراغه ووقته ، حيث -كانت تؤمن حينها- أن الزوج هو الأولى بالاختيار والتنسيق لمصلحة الأسرة، فأصبحت تستيقظ كل صباح لتعمل في مكان لا تريده بوظيفة لاتريدها براتب لا يكفيها ، حباً وكرامة للزوج فقط. ثم المرحلة الثالثة والأخيرة، مرحلة الامرأة المطلقة المنطلقة، التي لها مطلق الحرية في القرارات والأعمال والطموح، امرأة بمنصب عالٍ في جهة حكومية وقائدة لمشاريع ومديرة بعمل في القطاع الخاص ، لا شيء يقف في وجه طموحها وحريتها الا مزاجها، فأي المراحل هي الأسعد والأفضل بين الفترات الثلاث ؟ سأسهب في كتابة النتيجة في مقال منفصل .. في يوم ما. 

07 April 2013

علمتني المخلوقات

تخصصت في علوم الأحياء الدقيقة في الجامعة، ثم أتْبَعتُها بعدة وظائف علمية قادتني بعد ذلك -وبفضل الله- إلى أكبر تجربة مررت بها في حياتي .. الغربة.. حزمت أمتعتي واتجهت لبلاد الإنجليز كي أدرس الماجستير، قُبلت في كلية علوم المحيطات، ذلك العالم الذي لم أكن أعرف عنه إلا ملوحته، وأصبحت أحب أن أعرف عنه كل شيء بعد رحلة الغوص الأولى، بدأتُ بأبجدياته ثم بنظامه ثم بسّكانه ثم -يوماً بعد يوم- رأيت السحر المخبأ خلف تلك البوابة الرقيقة جداً : سطح البحر! وجدت إجاباتٍ عديدة لتساؤلات كانت تراودني لسنوات، وجدتُ فيه ذاتي التي كُنت أبحث عنها، استطعت من خلال البحر تحديد أهدافي وطرق التطور التي يجب أن أسلكها لتحديث مكنوناتي الداخلية، وطاقاتي الكامنة. تعرفت إلى الكائنات التي علّمتني، علمتني بوحدتها أن خالقها أوحد، وعلمتني بنظامها أن الأمن في الجماعة، وأن الفُرقى توهن الصفوف وتُعجّل الافتراس، علمتني أن الحياة سلاسل وارتباطات، وأن لكل فرد منا غاية خُلق من أجلها، علمتني أن الأنظمة الكونية ذاتية المعالجة سريعة التصحيح، مايُجرح يُعالج ومايذهب يُستبدل ومايموت يُولد غيره في لحظات، علمتني المخلوقات أننا راحلون، ولن يبقى منا سوى رفاة ستهبط قاع البحر في يوم ما بلا ذكريات، فلمَ نحزن؟ علمتني المخلوقات قيمة الإختلاف وهدف التضاد والعلاقات التكافلية، رأيت فيهم التكامل ورأيت فيهم سد الثغرات، فبعضهم ينتج وبعضهم يستهلك، يحترمون الاختصاص، فالمستهلك يوفر الأمن والمنتج يوفر الغذاء، لا يختلفان ولا يتخالفان. تعلمت من البحر قيمة الأنفاس، ففي كل انخفاض نحو القاع يزداد الشهيق قيمة ويصبح الزفير ناقوساً يذكرني باقتصاد الأكسجين كلما ابتعدت عن السطح، عرفت قيمة الرئة التي نثقلها بالأدخنة والأتربة غير عابئين بها كغيرها من نعم الله. تعلمت أن الأصل في الأشياء كمالها ونقاءها ثم تبدأ في الاندثار، تعلمت أننا خُلقنا على الفطرة كما غيرنا من الكائنات، إلا أننا نختار الانحراف، نولد كالمعدن النقي الصافي ولكن بلا ملامح، يُشكلنا المحيط وتصقلنا التجارب وتخدشنا الظروف حتى نصبح بهيئتنا النهائية، لكننا عادةً ننسى أن بإمكاننا صقل أنفسنا وتعديل أطرافنا وتطوير زوايانا فنصبح في النهاية كقطعة الماس التي نُحتت بيد صائغ ماهر لتزداد قيمتنا، وهو أمر -بلا شكّ- اختياري. تعلمت التأمل، والتحدث للجمادات، لغة صامتة وميزان ينظر إلى ماوراء الأشياء، فكم من رسائل مبطنة وضعها الله بين أيدينا بمفتاح واضح جلّي : أفلا تتفكرون؟ تعلمت أن الدنيا مليئة بما نشغل فيه أنفسنا، معرفة لا نهائية وعلمٌ ينتفع به، متعة غير محرمة وخلوة تقربنا إلى الله زلفى، تعلمت أن الكون يدعونا إلى البحث في بواطنه والاستفادة مما في جعبته، فأين نحن من تلبية دعوته؟ إن كنتُ قد تعلمت من المخلوقات شيئاً .. فقد علمتني أني " لا أعلم ".. وأني لازلت في بداية الطريق نحو ماخلقنا الله لأجله ..

03 November 2011

لو كنت مع الأنبياء -٢

انتبهت للوحة معلقة داخل المركبة كتب عليها (ارشادات)، فذهبت لأقرأها علّني أجد ما ينفعني خلاال الرحلة، وبقراءة كسولة مررت على النقاط جميعها حتى استوقفتني عبارة (بالضغط على زر توقف ستهبط في الزمن الذي اخترته بضع دقائق ثم ستختفي معالم الزمان وتعود أدراجك) تعجّبت! لم أكن أعلم أن بإمكاني الهبوط والدخول في الأزمنة القديمة، انتابني خوف لوهلة، هل سأكون في أمان؟ هل يجب عليّ ذلك؟ واسترجعت منهج اللغة العربية كي أذكر معنى (بضع) اعتقد أنه فترة مابين الثلاثة والتسعة؟ زمنٌ قصير ..! وبينما أنا أفكر في ذلك إذ استمعت لصوت الناي. موسيقى تصدر من بوق أظنه صنع من قرن حيوان، ركضت للنافذة فإذا بي أرى أقواماً طوال القامة، وأسمع منادياً ينادي أحدهم (قابيل!) ... ماذا! هل وصلت لزمن سيدنا آدم وأنا لا أعلم؟! يا الله! كبست الزر بلا تفكير.. فلا أريد لهذه الآلة أن تأخذني لزمن غير آدميّ! لا أريد الابتعاد أكثر...
وقفت بي آلة الزمان في مكانٍ ما، وترجّلت منها وأنا ألتفت يمينا وشمالاً في الوديان... أرقب الجماعة من بعيد، فباغتني صوت من الخلف: من أنت؟
قفزت بقشعريرة لازمتني مدة، لأني التفتت ولم أجد الا ساقاً.. رفعت رأسي فإذا هو رجل طويل..طويل جداً..!
قلت: أنا مسافرة، جئت من زمان غير زمانكم، من أنت؟
قال: أنا قابيل ابن آدم.
قلت: ماذا تفعل بعيداً عن الجماعة؟
قال: جلست في هذا الوادي مغضوباً عليّ من أبي، وأغواني الشيطان فلم ارتكب الا إثماً بعد إثم.
قلت: أعرف قصتك جيداً لقد قرأتها مراراً، واعتبرت منها عبراً كثيرة، كان بودي أن أمكث معك لأعرفها منك بتفاصيلها ولكن لم يبق من وقتي إلا القليل. لو طلبت منك نصحاً ، بم ستنصحني للمستقبل؟
قال:
- لا تحسدي أحداً
- ولا تعالجي خطأً بخطأ فتدفنيه ظناً ألّن يعرفه أحد
- ولا يغوينّك الشيطان فليس منه الا الوهن والكبَد
قلت: صحيح.. شكراً لك .. هل لي أن أرى سيدي وأبي آدم؟ 
فوصف لي مكانه  وكان بعيداً...شكرته وودعته ... وذهبت مسرعة... 
الأمر هناك مختلف، رأيت النور والسلام يعمر أرجاء المكان، والصالحون سيماهم في الوجوه واضح جلّي..لم احتج الى السؤال، فقد عرفت سيدنا آدم من نوره، ذهبت إليه وعرفته بنفسي، وقلت أني من بنات أبنائه بعد حين .. قلت له: يا نبي الله، لو كنت أسئلك النصح والإرشاد، كيف ستختصره؟
قال: خلقنا الله في الجنة، وإليها يعيدنا، لم يخلقنا الله ليعذبنا، بل فتننا الملعون إبليس وأخرجنا منها، ابتعدي عنه تسلمي، وستعودين لجنة الخلد بإذن الله.
ثم اختفى كل شيء ..! عاد السواد ولا أرى شيئاً الا الظلمة الحالكة، أين ذهب أبونا آدم! أين الناس! لاشيء على مد البصر.. حزنت كثيراً وكنت أتطلع في كل مكان ولا ارى شيئاً..  ثم تراءت لي آلة الزمن من بعيد فعرفت أن وقتي قد انتهى.. ذهبت إليها حزينة، لم أرد أن ينتهي حواري مع نبي من انبياء الله بهذه السرعة، نظرت للساعة فإذا الوقت الذي قضيته كان تسع دقائق. عرفت حينها أن لكل وقفة تسعة دقائق فقط من التفاعل لذا قررت أن لا أضيّع أي دقيقة منها على حوار مع غير الأنبياء، وسأختصر الحوار على سؤال كل نبي عن النصح والارشاد .. حتى أستفيد من تجاربهم ولا أخطئ أخطاء أقوامهم.. اغلقت باب الآلة، جلست على مقعدي وتنهدت تنهيدة خيبة أمل، ثم ضغطت زر (انطلق) وعادت الآلة للحراك واستأنفنا السفر.



((يتبع))

لو كنت مع الأنبياء



تخيلت لوهلة أني قد ركبت آلة الزمن وجلست على مقعد القيادة أرى شاشة عريضة أمامي مليئة بالأرقام، وعلى نهاية الشريط الأليكتروني توجد كلمة (سنوات)، ياه ! هل أضع أرقاماً كي أعود لأي زمان؟ هل ستكون رحلة قصيرة أم طويلة؟ هل ستتضمن تذكرة العودة أم سأبقى حبيسة الماضي الذي لا أعرفه؟ لا أعلم، أظنني لا أكترث.
الكثير من الأزرار في كل مكان، وأمامي بضعة منهم أحدهم كبيرٌ دائري عليه كلمة (توقّف) والآخر (إنطلق).. أظنني أعرف كيف يستخدم كلٌ منهم، إلى أين سأذهب؟ تسعة ثلاثة خمسة سبعة وأربعة أصفار.. سأبدأ بهذا.. بسم الله.
لا أرى شيئاً. لماذا لا أشعر بشيء يدفعني للخلف بشدة .. لازلت على المقعد! أهي سرعة الانطلاق؟ أم أنني قد وصلت لوجهتي؟ بلمحة سريعة خلال النافذة، لا أزال في فناء منزلي الخلفي! أوه لم أكبس الزر! اشعر بالغباء .. انطلقي مركبتي ... اريني ماعندك.. كبسته بسبابتي واستلقيت عند النافذه.
كانت الرحلة بطيئة جداً، بعكس ما صورتها لنا شركات المرئي والمسموع، لم أرى وميضاً في أي مكان، كان ارتفاعاً بطيئاً للسماء وكأنني في مكوكٍ فضائي راحلٌ للمجرة، استندت وشاهدت، عندما بدأت أدخل في الظلام، وجدت أشياءً تظهر خلف السواد، ماهذا؟ إنها صور.. بل مقاطع مرئية.. لا لا إنها العصور السابقة! ها هو جدي ..! قفزت من مقعدي ولوحّت بلهفة أناديه: ((( جدّي ))) .. لم يستمع إليّ .. حاولت جاهدةً ولكنني لم ألفت انتباهه ...وفات ذلك الزمان، خاب ظني، وضعف أملي.. وعدت للسكون مرة أخرى. أنظر للنافذة .. أرى عصراً بعد عصر وزماناً بعد زمان، بصورة رهيبة خيالية.. 

((يتبع))

25 October 2011

قصة أثرت فيّ جداً وستؤثر على أعمالكم

لا نستطيع الجزم بصحتها ولكنها والله علامة ورسالة من الله لتعديل أخطائنا وتحسين أعمالنا.. اللهم اجعلنا ممن تحب وترضى.. اترككم مع القراءة:


http://omangulf.net/bb/story.htm

10 October 2011

تأملات ودروس في الأخلاق من وحي القرآن الكريم

نمر على كثيرٍ من الآيات القرآنية ذات العبر والمعاني. بعضها يثير فيني تساؤلات وتأملات أحببت أن أشارركم بها من فترة لأخرى




(وأما السائل فلا تنهر)
مو شرط للفقير والطرار، حتى للأشخاص الميسورين، لا ترد إنسان يشيمك ولا إنسان يترجاك فاالله أعلم بظروفه اللي جبرته يترك كرامته ويلجأ لك.


(وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)
قانون إلهي رائع ينص على أن الاعتراف بالذنب يسقط الخطأ، ولماذا أعاقِب شخص أدرك أنه مخطئ وتاب منه؟ يجب أن نتعلم كيف نسامح ونتجاوز عن أخطاء الذين يعتذرون ويعترفون بالذنب


(إن أُريدُ إلا الإصلاح ما استطعت)
فلتكن هذه نيّتك عند الذهاب للعمل.. إن وجدت خيراً فزده وإن وجدتَ شراً فقوّمه.. أول الإصلاح مبادرة والله الموفق حسب النوايا


(ولا تنسوا الفضل بينكم)
ولئن تفارقت الأبدان، فإن الجانب الخلقي في العلاقات يجب أن يبقى ولا يتأثر حتى لا نفجر في الخصومة. كل علاقة فيها جانب مشرق طيب ولو كان قليلاً، تذكر هذا الأمر واترك الباقي


(قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون)
مو كل تهمة نرد عليها.. بعض الأمور يجب أن نكتمها ونترك الأمر لله وستكون الخيرة في ذلك.


(من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)
هذا مايسمونه "الكارما" في الوقت المعاصر، وهي أن كل خير تقوم به عائد لك وكل شر تفعله سيفعل بك عاجلاً أم آجلاً.. وجد هذا القانون قبل 1400 سنة وهم لايفقهون.

20 July 2011

لغة الهدايــــــــــا

أول ما يتبادر إلى أذهاننا عندما نفكر في شراء هدية هو: الميزانية. كم سأدفع لقاء هذه الهدية؟ ثم بحسابات بسيطة تبدأ بجمع العلاقة وضربها بالمدة وقسمتها على الأيام الحلوة وطرح الأيام التعيسه منها يظهر لنا الناتج المناسب ونعرف أن هذا الشخص (يستاهل) القيمة الفلانية وتباعاً نذهب للمحال المطلوبة.

ليس الأمر كذلك بالنسبة لي، أجد الأمر مختلفاً تماماً عندما أرغب بإهداء شخص ماهدية معينة، فأول ما أفكر فيه هو كيف أضع حبي في هديتي؟ ماهي الرسالة التي أود ايصالها وكيف سأجعله يفهمها ؟
هناك وسائل عديدة لبلوغ الهدف..
أولها : صدق المشاعر..
فالأحاسيس تعيش في عينيك، وتنعكس على محيّاك، لا يمكن إخفاؤها ولو حاولت .. اجعل نفسك وعقلك وروحك معك عند الذهاب لشراء الهدية، اشعر بها وليس بثمنها.. فكم من هدية بسيطة غطت على لمعات الألماس والجواهر


ثانيها: غلفها .. اجعل عنصر المفاجئة يزيد من عذوبتها، ارفق معها وردة أو حبة شوكلاته تقاسماها معاً أثناء فتح الهدية وكلاكما تبتسمان



ثالثها: اكتب بلا ممحاة .. فأصدق الكلمات أولها، تأتي بلا تفكير، وترتب حروفها بنفسها على ورقتك.. تلك هي المشاعر المخزونة في قلبك، لا تكتب من عقلك أبداً..


رابعها: سلّم هديتك بنفسك .. ما أجمل أن نرى لمعة الفرحة في عيون من نحب وأن نحضر ولادة البسمة التي سترتسم في وجوههم ساعة الإهداء :)

تحكي إحداهن في هذا الشأن ..
مرت في حياتي الكثير من الهدايا المميزة بقيمتها وروعتها وجمالها ..وكانت لكل منهن مناسبة وزمن خاص انتهى بمجرد انتهائها.. الا أن هناك هدية واحدة لن أنساها أبداً ...هي تلك الهدية -غير المتوقعة- التي أُهديتُها بمناسبة نزول أول راتب في حساب من أحببت، أحسست أني غالية جداً ، كيف لا وقد أراد مشاركة فرحته الأولى باستقلاليته "معي" وستظل هذه الهدية بقربي إلى الأبد..

تقول أخرى ..
أجمل هدية كانت خاتماً بسيطاً من صديقتي .. كانت ستسافر إلى بلاد بعيدة مغتربة وفي المطار عند وداعي وفي خضم دموعنا .. خلعت خاتمها ووضعته في إصبعي..قائلة "لا تنسيني" لم أكن لأجد أغلى من هذا الخاتم أبداً في حياتي.


شاركونا أرائكم حول الموضوع .. وماهي أجمل هداياكم ؟ :)

29 June 2011

تكاسي شيكاغو -2



ركبت ذات يوم في أحد سيارات إجرة شيكاغو الصفراء عازمة على الذهاب إلى منطقة مجاورة، وصادف أن كان سائق السيارة أمريكياً أشقراً بدرجة صفراء فاقعة ويشبه إلى حد ما لاعب المصارعة المشهور هلك هوغان، رحب بي وسألني عن وجهتي فأخبرته بأني ذاهبة للمكان المنشود، وسار بي إلى المنطقة، وعند أول إشارة مرور سألني عن بلدي ومن أين جئت، وطبعاً كان من الطبيعي أن أستهل بالكلمات التي تثير فيهم الحوار الديني لأني أحبه فقلت: أنا كويتية مسلمة، قال: اها ، أنا لا أعرف كثيراً عن الكويت ولكن أعرف عن الإسلام بعض الأشياء، هو الدين الذي يعبد القمر أليس كذلك؟ ترّسمَت في وجهي علامات الذهول! كنت قد اعتقدت أن الاسلام معروف للجميع، أو على الأقل كنت أتوقع أن يذكر الجملة المعتادة (الدين الذي يعبد الصندوق الأسود في الصحراء) ولكن لم يذكر لي أحد أننا نعبد القمر! فقلت له باستغراب: نحن لا نعبد القمر من قال لك ذلك؟ فقال: أرى الهلال على مساجدكم كلها، فظننت أنكم تقدسون القمر وتعبدونه، وأحسست بالخجل يلف كلماته، فابتسمت وقلت ذاك الهلال يدل على التأريخ الذي نتبعه، نحن لا نعتمد على التقويم الشمسي، بل تاريخنا وأشهرنا وعباداتنا مقرونة بمنازل القمر، فأول الشهور عندنا نعرفه بالهلال، وأوسطه البدر، وينتهي بالمحاق، فننتظر ولادة الهلال من جديد كبداية للشهر الجديد.
ساد صمت قليل، أحسست بأنه أُحرج من سؤاله فلا يود الوقوع بأسئلة تُظهره غير مدرك لما يدور حوله، فقال إني لا أعرف الكثير عن الاديان والآلهة، كل ما أعرفه هو أننا نشأنا صدفة من نظرية الانفجار العظيم (البيغ-بانغ) وأننا تطورنا من قردة ثم ذكر طرفة (لاأذكرها صراحة) وانفجرنا من الضحك. قلت له قد تكونون قردة إذا أعجبكم، ولكننا لسنا قردة لقد خلقنا بشراً منذ البداية، ولم يكن جدي قرداً، قصة خلقنا مذكورة في القرآن وتختلف تماماً عما يقال، أتود سماعها؟
فاستهل وجهه وقال نعم! بالتأكيد...
هنا تذكرت أقراص الاستاذ الفاضل طارق السويدان، وقصة نشأة الخلق، وبدأت أسرد له الرواية وكأننا في فيلم قصير، بدأت بوجود الإله والملائكة من نور تعبده، ووصفت البيت المعمور والسلام والطمأنينة، وكيف أن الشيطان مخلوق من نار وكان عبداً صالحاً كالملائكة، ثم أن الله أراد أن يخلق له خليفة في الأرض، فخافت الملائكة أن يفسدوا في الأرض ويسفكوا الدماء، فأخبرهم الله بعلمه أنه يعلم الإنسان وأن الإنسان يعلم مالا تعلمون، وخلق الله آدم من طين وكان مجوفاً، في حين أن الملائكة والشياطين غير مجوفين، فقبل أن ينفخ فيه الروح كان الشيطان يمر على تمثاله يتعجب، ماهذا المخلوق، فيدخل من فمه ويخرج من دبره، ويقول لأغوينه لأغوينه، ولما نفخ الله فيه الروح وأصبح كائناً حياً أراد الله لجميع الملائكة والشياطين أن تسجد له، فسجدوا الا ابليس أبى واستكبر ورفض الخضوع للإنسان، وقال أنا أفضل منه خلقت من نار وخلق من طين، فأغضب الله فلعنه، وكان سيدخله السعير لولا أن طلب الشيطان مهلة فقال: أنظرني إلى يوم يبعثون، أي امهلني حتى يوم القيامة لأغوينه هو وابناءه فمن اتبعه مني فيأتي معي للجحيم ومن لا يطيعني فأدخله الجنة، فأعطاه الله ما أراد، وألهم الناس فجورهم وتقواهم، ومنذ ذلك الحين يا صديقي العزيز والشيطان يحاول أن يجعلنا نزل ونخطئ حتى نذهب معه للجحيم ونحن نحاول أن نحافظ على أخلاقنا العالية حتى نذهب للجنة :)
قال: يااااه، هذه القصة حيكت بعناية !
لم أكن متأكدة من أنه صدّق ما أقول، ولكن هذه الأحداث سترّن في أذنه يوماً ما، وقد يخبرها لغيره فيسترضيها ويؤمن بها ، لا نعلم ..
انتهى الحديث بذلك، وعدت لقراءة ما كان في يدي، لأوهمه بانشغالي فيخلو بنفسه يفكر في قصتي، استمرت الرحلة بضع دقائق أخرى، أعطيته مايستحق من أجرة وترجلت من السيارة متمنية له يوماً سعيداً .

13 June 2011

تكاسي شيكاغو -1



في الصيف السابق وتحديداً في يوليو 2010، انتابني شعور غريب بالملل، واحسست بكثرة المشاغل والمتاعب وضغط العمل والمسؤوليات ورغبت –بشدة- أن أغير شيئاً في تواتر أيامي، شيء مختلف، بعيداً عن الأهل والأسرة والعمل والأصدقاء ولو كان بيدي لقلت شيئاً بعيداً عن نفسي أيضاً، كأن أغير جلدي مثلاً، ولكنه كان محالاً.. شاءت الأقدار ان تأتيني فرصة من ذهب، فقد رُشح أخي الأكبر لدورة في شيكاغو لمدة أسبوع وسيذهب لوحده ويستمر أياماً أكثر هناك للقاء بعض زملاء الدراسة، ففرحت وقررت الذهاب معه ولكن بشرط !
أن أسافر بعده بيوم وأرجع قبله بيوم (لماذا؟) لكي أجرب السفر لوحدي، لم أقم بذلك مسبقاً وفيه نوع بسيط من المغامرة قد ترجع لنفسي بعض سعادتها، وكان كذلك، ذهبت إلى شيكاغو ومررت في المطارات لوحدي.. وووصلت بالسلامة، ولأن أخي كان مرتبطاً بالعمل من السابعة صباحاً حتى الخامسة عصراً فقد كانت لديّ 10 ساعات يومياً من المغامرات والاكتشافات، مدينة جديدة تماماً، لا أعرف مكاناً فيها ولا أحداً يخبرني بما يميزها، ليس لدي سوى الخرائط والخطوات وبدأت في المسير، كنت أستيقظ في السادسة صباحاً وأبدأ المشي مسافات بعيدة ثم –وبعد نهاية المغامرات من متاحف ومحلات ومسارح وكليات وحدائق ورحلات- أعود في أحد سيارات الأجرة الصفراء وفي كل مرة يدور حديث بيني وبين السائقين مختلف تماماً كاختلاف السائقين أنفسهم.


القصة الاولى كانت عندما أردت الخروج من متحف علمي عن طاقات الأرض في إحدى زوايا شيكاغو والذهاب إلى متحف علمي آخر عن الديناصورات في الزاوية الأخرى، كان متحفاً بعيداً.. ففضلت أن تكون رحلة الأجرة بقيادة إمرأة، ولأن القانون هناك يحترم الأدوار فقد وقفت بالقرب من الرصيف الموازي لسيارات الأجرة ووجدت أن أول عدد من السيارات يقودها رجال ثم تأتي سيارة إجرة تقودها إمرأة ففضلت الانتظار وجلست أقرأ قليلاً حتى وصل دور المرأة فاستأذنتها بالدخول.
كانت امرأة سوداء بسيطة، في أواخر الأربعينات أوائل الخمسينات حسب تقديري، وكانت تلف شعرها بقطعة قماش ملونه على هيئة قبعة فلا يظهر من شعرها شيء، بدأتُ بإلقاء التحية فالتفتت وردتهّا إلي بابتسامة، ثم لاحظت حجابي فابتسمت بإشراق وسألتني: هل أنت مسلمة؟ قلت نعم قالت: وأنا كذلك، فصححت سلامي لها وقلت: إذا السلام عليكم!
كانت كالطفلة السعيدة التي دخلت غرفتها فوجدت لعبة رائعة، فرحت كثيراً بلقاء عربية مسلمة وسألتني عن وجهتي ثم ذهبنا. وبدأنا نتحدث قليلاً عن الإسلام والعادات والتقاليد، ثم سألتني عن حياتنا في الخليج وماذا اعمل، واستغربت قدرتنا على السفر والسياحة وكيف أنهم يشتغلون ليلاً نهاراً ليوفروا مصروف دراسة ابنائهم ثم دخلنا في رغبتها الملحة لتوفير أموال للحج وكيف انها تتمنى أن ترى الكعبة، انفطر قلبي لحالها وإيمانها خاصةً حين قالت أنها صائمة –وكنا في رمضان- وقلت في قلبي سبحان الله كيف انهم وإسلامهم ضعيف وبعيدين عن مكة والمدينة نجدهم يصومون حتى الثامنة مساءً وشبابنا لا يصوم وقتاً أقصر ويسهر على المسلسلات ويؤجل الحج، فتحت حقيبتي أبحث عن أي شيء يُسعدها فإذا بها عطر، كان أفضل شيء يمكنني تقديمه لها، أعطيتها إياه وقلت هذه هديّة العيد لأنك صائمة، لم تتمالك نفسها حتى اننا كنت سنصطدم بأحدى السيارات، قالت هذا العطر باهض الثمن كم سعره، ولم أرد اخبارها الا أنها أصرت، فبعد التحويلات المالية وقد خصمت منه بعض الدولارات –كمية العطر المستخدم- حتى لا تصاب بجلطة واخبرتها قالت: هذه الهدية لن أنساها طوال حياتي، قلت لها ما اطلبه منك هو دعاء لي بالخير إذا استطعت الذهاب للحج يوما ما ! فوعدتني وقالت سأفعل! حينها توقفت سيارتنا فقد وصلنا وجهتنا، أعطيتها الأجرة وزدتها مبلغاً من المال ثم ترجّلت من السيارة فقالت: سؤال أخير يا صغيرتي.. هل أنتي أميرة عربية؟ قلت لها: بل أنا مسلمة .. :-) وأغلقت الباب وأنا أبتسم.

08 June 2011

رحلتي إلى المتحف اليهودي في سيدني -8 والأخير




أول موضوع تكلمت فيه كان عن قاع المحيطات لأني كنت قد بحثت فيه بنفسي في تخرجي ومتمكنة من تفاصيله، فتحدثت عن طبقات المياه وتصنيفها حسب اختراق الضوء لها علمياً ولم أتطرق للقرآن الا في نهاية الشرح عندما وصلت للقاع الذي لا إضاءة فيه على الإطلاق لدرجة أن الأسماك تحتوي على مصابيح مضيئة من البكتيريا لتتمكن من الرؤية فيه، أحسست بأنه كان سعيداً بالمادية العلمية وانصدم عندما ذكرت له أن ذلك كان مذكوراً في كتابنا قبل 1400 سنة ، قبل الغواصات وأجهزة المسح والآلات، وهي الآية التي تقول: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
كنت قد بدأت في محاضرة تخرجي بتلك الآية باللغة الإنجليزية وأحفظها عن ظهر قلب وقد أنقذني ذلك في سيدني:
Or like utter darkness in the deep sea: there covers it a wave above which is another wave, above which is a cloud, (layers of) utter darkness one above another; when he holds out his hand, he is almost unable to see it; and to whomsoever Allah does not give light, he has no light.
ثم أكملت بإعجاز القرآن في وصف طبقات رحم المرأة، ونشأة الإنسان ومراحل نموه وكيف أن الماء من مكونات كل الأشياء الحية وغرق فرعون ونسبة الملح في موميائه والكثير الكثير من الأشياء البسيطة التي اكتشفها العلم الحديث وكان مذكورة سلفاً في القرآن، وقلت له: وأنا اعلم أن هناك آيات كثيرة في قرآننا لم يتوصل لها العلم بعد وسنبقى في بحث وتحر واكتشاف إلى يوم الدين. لم يُخف المرشد إعجابه بثقتي بنفسي وحبي لديني وقال سأقرأ القرآن يوماً ما ، فصححت له جملته بابتسامة، لن تستطيع قراءته.
استغرب وقال لم؟ قلت له لأن ماعندكم هو ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الانجليزية وليس كلام الله وهذا مختلف ... لأنه مرهون بدقة المترجم وسيختلف من شخص لآخر حسب فهمه واجتهاد علمه وعالمه... عليك بتعلّم اللغة العربية أولاً .. وضحكت. قال لي إنه دين العرب إذن ... قلت بل دين الناس جميعاً نزل بأصعب اللغات آنذاك وهو نوع من الإعجاز ولم يتغير منذ ذلك الحين، هو ذاته القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وآله الذي أقرأه أنا اليوم، وإن أتيتني بالتوراة الأولى المنزّلة باللغة الأصلية لوجدت فيه ما يدلك على ديني، ولكن هذه النسخة غير موجودة. أتمنى أن تجدها يوماص ما وتدلني عليها، وسأؤمن بها :)
وبهذا الكلام ختمت حديثي الشيق معه وودعته بلباقة متمنية له عمراً مديداً وصحة وعافية، وتمنى لما هو السعادة كذلك وغادرنا المتحف بتجربة لا تنسى.

-انتهى-
"السلسلة الجديدة: قصة الخلق مع سائق التاكسي-شيكاغو"


رحلتي إلى المتحف اليهودي في سيدني - 7




كنت قد اعتقدت أن المرشد اكتفى بهذا القدر من المعرفة وأن ما قلته سابقاً أثار حفيظته فأنهى الحوار خاصةً وأنه التفت إلى باقي الحضور وبدأ في الإجابة على أسئلتهم، في هذه الأثناء كنت أنا وزوجي نتكلم جانباً ونخطط للساعات التي سنقضيها بعد خروجنا من المتحف خاصةً وأننا قضينا فيه أكثر من الوقت الذي حددناه له مسبقاً، فقاطعنا بعد أن انتهى من حواره مع الحضور قائلاً: نعود للحديث، هل تعلمون أن الحصان له جسم يختلف عن باقي الحيوانات وأن لحم الحصان هو من أجود أنواع اللحوم وتعالج بعض الأمراض؟
امتلأ وجهي بعلامات الاستفهام، فلم أستطع ربط هذه المعلومة بأيٍ مما قلته سلفاً وقد بدى عليّ الاستغراب وقلت: لا لم أعرف، وبصراحة لم أكن أعلم بأن الحصان يؤكل أصلاً وضحكت، فأردف: طبعاً لن تعلمي فهو محرّم أكله في دينكم. عرفت حينها أننا بدأنا في حوار مناهضة للدين الإسلامي، وكيف أنه سيثبت عدم اهلية ديني وبطلان صدقه، فعدت للتسلح بمعلوماتي ولبست درعي الحصين، واستدركت قائلة: الحمدلله أنه محرم، فلا أريد أن أتخيل نفسي وأنا آكل حصاناً !! قال ولكنه لذيذ، قلت له وكذلك الخمر والخنزير –الذي هو محرّم عندنا وعندكم- ولكن أعلم أن ربي الذي خلقني هو أعلم بما يضرني وما ينفعني، قال إذاً أنت لا تؤمنين بنظرية "الانفجار العظيم" وكيف نشأ الكون من صدفة، قلت له: أنا أؤمن بأن الله خلق كل شي في ستة أيام ثم استوى على العرش. ثم سألته: وكيف تؤمن أنت بنظرية الانفجار العظيم وهي تناقض اليهودية أصلاً خاصةً وأن نشأة الكون موجودة في أول سفر في كتابكم المقدس وهو سفر التكوين ! قال إني لا أؤمن بكل شيء فهناك بعض الأمور التي لا أفهمها ولا يفسرها التوراة، قلت له كتابكم يذكر الكثير من الماضي، وكتابنا يذكر الماضي والحاضر والمستقبل، لم تعجبه هذه الجملة، أحس بأنني أبالغ كثيراً وأتكلم بثقة مطلقة، وهنا استرجعت في ذاكرتي مشروع تخرجي وهو عن الاسماك الموجودة في قاع المحيطات، وتذكرت كتاب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وبدأت في سرد التفاصيل العلمية في القرآن شيئاً فشيئاً ...

يتبع

07 June 2011

رحلتي إلى المتحف اليهودي في سيدني - 6




قلت له: إن في التوراة آية .. في سفر التثنية 18:18 تقول:
"I will raise them up a prophet,
from among their brethren,
like unto thee;
and I will put my words in his mouth,
and he shall speak unto them
all that I shall command him."

الترجمة:
سأقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً
مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ
مِثْلكَ
وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ
فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.

وأردفت.. إن هذه الآية نزلت لنبي الله موسى في التوراة تنبؤه بظهور نبي جديد من الإخوان وهذا النبي مثلك يا موسى وأكملت له الآية ثم ذكرت أن المعني ليس بعيسى عليه السلام، ولم أجد منه أي اعتراض .. استغربت لوهلة فقد اعتدت على قفز المسيحيين لي عند هذه النقطة والدفاع بأن الآية عن عيسى.. لكني تذكرت أنه يهودي ولا يؤمن بعيسى ايضاً ... لكني وجدت بعضاً من العيون تنظر إلي من الحضور فأكملت، وقلت إن سيدنا محمد هو المقصود لأنه يشبه سيدنا موسى، وسيدنا عيسى ليس المقصود و لا يشبه سيدنا موسى، فسألني: كيف؟

قلت له أولاً، قالت الآية إن النبي المبتعث سيكون من الإخوان، سيدنا موسى يرجع نسبه لإسحاق بن إبراهيم وسيدنا محمد يرجع نسبه لإسماعيل بن ابراهيم وهما الأخوة التي يجتمع عليه كل الناس في الأنساب آنذاك.

ثانياً سيدنا موسى وسيدنا محمد وُلدا بصورة طبيعية ولهما أب وأم وماتا بصورة طبيعية ، بينما عيسى ولد بمعجزة من غير أب ومات معذباً منكم وفي ديننا رفع للسماء، فهو لا يشبه سيدنا موسى بل سيدنا محمد من يشبهه

ثالثاً جاء سيدنا موسى بدين جديد وكتاب جديد وكذلك سيدنا محمد بدين جديد وتشريعات جديدة أما عيسى عليه السلام فجاء مصدّقاً لما بين يدي موسى ولم يأت بتشريعات جديدة، فمحمد يشبه موسى وعيسى لا يشبهه

رابعاً سيدنا محمد وسيدنا موسى تزوجا وأنجبا، وسيدنا عيسى لم يتزوج ولم ينجب

في هذه الأثناء أحسست أنه بدأ يشعر باهتمام الناس وكان يريد إنهاء الحوار بطريقة لطيفة، فقال أتحفظين التوراة ؟ وضحك

قلت له : لا أحفظه ولكنني قرأته ووجدته يدعمنا أكثر فنبينا لا يقرأ ولا يكتب وقد أنزل الله على لسانه الكلمات كما قالت التوراة بأن الله سيجعل كلامه في فمه.. وابتسمت.





يتبع